مستقبل السلامة والصحة المهنية

بقلم: ياسمين حمدي - يُمكن.كوم

زاد الاهتمام بالحفاظ على بيئة العمل آمنة للعمال وخاصة في المصانع في الفترة الأخيرة في المنطقة العربية. حيث وصل عدد الإصابات في مصر، على سبيل المثال، في أماكن العمل الى أكثر من 16 ألف اصابة عام 2014، منهم 209 أدت الى الوفاة، على حسب احصائيات منظمة العمل الدولية، وفي عام 2016 رصدت المملكة العربية السعودية أكثر من 67 ألف اصابة بتكلفة قدرها أكثر من 370 مليون ريال سعودي لعلاجها. كلما زادت الإصابات في المكان، كلما زادت خسائر الشركة المالية، حيث ان المصانع والشركات مطالبون بتحمل تكلفة العلاج طبقا لقانون العمل. كما يؤدي هذا الى فقدان ثقة العاملين بالشركة ورغبتهم المستمرة في ترك العمل والذهاب الى مكان آمن بالنسبة لهم.

وقد اتجهت بعض المصانع مؤخرا الى التكنولوجيا الحديثة كالذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) والواقع المعزز (Augmented Reality) والطائرات بدون طيار (Drones) وغيرها من الحلول التكنولوجية أكثر كحلول للحد من الوفيات في المستقبل، ويعتبر الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء من هو أكثر الاتجاهات الواعدة بينهم لتنوع تطبيقاته في هذا المجال.

عندما يسمع الناس مصطلح "الذكاء الاصطناعي" فإنه يعيد إلى الأذهان الصور المستقبلية الموجودة  في أفلام الخيال العلمي لروبوتات تفكر وتتعامل كالبشر، ولكنها بعيدة عن الواقع الحالي تماما. قد تكون هذه الروبوتات هي مستقبل الذكاء الاصطناعي ولكن في الوقت الحالي فإن الذكاء الاصطناعي المستخدم شكله مختلف وله عدة تطبيقات في مجالات وأماكن مختلفة منها المصانع لزيادة كفائتهم وانتاجيتهم بالاضافة الى تحسين بيئة العمل للعمال وزيادة الأمان. أحد أشهر الامثلة المتوفرة في مصانع عدة، هي استخدام الأجهزة والآلات في خطوط التجميع بدلا من العمال حيث تكثر المخاطر، لذلك زاد الاهتمام بتطوير تطبيقات أكثر للذكاء الاصطناعي وتحسينها للحد من إصابات العمل في المستقبل وزيادة الأمان في بيئة العمل، أحد هذه التطبيقات التي يتم تطويرها حاليا هي مبادرة مايكروسوفت للمراقبة "Microsoft’s Monitoring Initiative".

تقوم مايكروسوفت حاليًا بالعمل على ذكاء اصطناعي يعمل على رصد مناطق العمل وتحديد أكثر المناطق خطرا وتنبيه المسؤولين لاتخاذ الاحتياطات الواجبة في المستقبل. كما يعمل النظام على تنبيه الأشخاص في حالات وجود أدوات خطرة كالمنشار أو ماشابه في أماكن غير صحيحة وتنبيه العاملين قبل حدوث أي حوادث. بالرغم من أن هذه التكنولوجيا مازالت في طور التطوير، إلا أنها تمثل خطوة إيجابية في اتجاه تحسين بيئة العمل وجعلها أكثر أمنا وسلامة للعمال.إستخدام تكنولوجيا كهذه مع التطبيقات المستخدمة حاليا في المصانع الاعتماد على الآلة في خطوط التجميع في المصانع حيث تزداد الحوادث نتيجة لزيادة المخاطر سيجعل بيئة العمل أكثر أمانا للعمال.

كما يتم استخدام حلول إنترنت الأشياء (Internet of Things) للمساعدة في تحديد متى يتم تشتيت الموظفين أو نعاسهم في الوقت الفعلي واتخاذ تدابير لمنع وقوع الإصابات قبل حدوثها استنادًا إلى التحليلات التنبؤية. هذه التطورات مفيدة بشكل خاص للعمال الذين يقومون بأعمال متكررة أو أعمال فنية عالية تتطلب الاهتمام بالتفاصيل.

 الهدف الرئيسي من استخدام التكنولوجيا الحديثة في المصانع هو زيادة الكفاءة وتحسين الانتاجية، وبالتالي فإن تطوير تطبيقات كهذه، سواء كانت تعتمد على الذكاء الاصطناعي أو أي نوع آخر من التكنولوجيا الحديثة، وتحسين التطبيقات المستخدمة حاليا في المصانع والشركات سيقلل من الإصابات بحد كبير ان لم يمحيها تماما .إصابات العمل وبيئة العمل غير الآمنة تؤدي الى خسائر مالية فادحة للشركات والمصانع وتؤدي الى سوء حالة العمال النفسية وكرههم للعمل نتيجة لفقدان الإحساس بالأمان وتقليلها سيعود بمكاسب كثيرة، مادية ومعنوية، لجميع الأطراف.